فصل: تفسير الآيات (1- 3):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتخب في تفسير القرآن



.تفسير الآية رقم (282):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282)}
282- يا أيها الذين آمنوا إذا داين بعضكم بعضا بَدْينٍ مؤجل إلى أجل، ينبغى أن يكون الأجل معلوماً، فاكتبوه حفظاً للحقوق تفادياً للنزاع، وعلى الكاتب أن يكون عادلا في كتابته، ولا يمتنع عن الكتابة، شكراً لله الذي علمه ما لم يكن يعلم، فليكتب ذلك الدين حسب اعتراف المدين وعلى المدين أن يخشى ربه فلا ينقص من الدين شيئاً، فإن كان المدين لا يحسن التصرف ولا يقدر الأمور تقديراً حسناً، أو كان ضعيفاً لصغر أو مرض أو شيخوخة، أو كان لا يستطيع الإملاء لخرس أو عقدة لسان أو جهل بلغة الوثيقة، فَلْيُنِبْ عنه وليه الذي عينه الشرع أو الحاكم، أو اختاره هو في إملاء الدين على الكاتب بالعدل التام. وأشهدوا على ذلك الدين شاهدين من رجالكم، فإن لم يوجدا فليشهد رجل وامرأتان تشهدان معاً لتؤديا الشهادة معاً عند الإنكار، حتى إذا نسيت إحداهما ذكرتها الأخرى، ولا يجوز الامتناع عن أداء الشهادة إذا ما طُلب الشهود، ولا تسأموا أن تكتبوه صغيراً كان أو كبيراً ما دام مؤجلا لأن ذلك أعدل في شريعة الله وأقوى في الدلالة على صحة الشهادة، وأقرب إلى درء الشكوك بينكم، إلا إذا كان التعامل على سبيل التجارة الحاضرة، تتعاملون بها بينكم، فلا مانع من ترك الكتابة إذ لا ضرورة إليها. ويطلب منكم أن تشهدوا على المبايعة حسماً للنزاع، وتفادوا أن يلحق أي ضرر بكاتب أو شاهد، فذلك خروج على طاعة الله، وخافوا الله واستحضروا هيبته في أوامره ونواهيه، فإن ذلك يلزم قلوبكم الإنصاف والعدالة، والله يبين ما لكم وما عليكم، وهو بكل شيء- من أعمالكم وغيرها- عليم.

.تفسير الآيات (283- 285):

{وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (283) لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)}
283- وإذا كنتم في سفر فلم تجدوا من يكتب لكم الدين، فليكن ضمان الدين رهناً يأخذه الدائن من المدين. وإذا أودع أحدكم عند آخر وديعة تكون أمانة عنده، وقد اعتمد على أمانته، فليؤد المؤتمن الأمانة عند طلبها، وليتق عقوبة الله له إن خان الأمانة أو غش في الشهادة. ولا تكتموا الشهادة عند طلبها، ومن يكتمها فهو آثم خبيث القلب، والله بما تعملون عليم، سيجزيكم عليه بحسب ما تستحقون.
284- واعلموا أن لله ما في السموات وما في الأرض قد أحاط به قدرة وعلما، وسواء أظهرتم ما في أنفسكم أو أخفيتموه فإن الله عليم خبير، سيحاسبكم عليه يوم القيامة فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وهو تعالى على كل شيء قدير.
285- إن ما أُنزل إلى الرسول- محمد- هو الحق من عند الله، وقد آمن به وآمن معه المؤمنون كل منهم آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، وهم يسوُّون بين رسل الله في الإيمان بهم وتعظيمهم قائلين: لا نفرق بين أحد من رسله، وأكدوا إيمانهم القلبى بقولهم اللسانى متجهين إلى الله في خطابهم: ربنا سمعنا تنزيلك المحكم واستجبنا لما فيه، فامنحنا اللهم مغفرتك، وإليك- وحدك- المصير والمرجع.

.تفسير الآية رقم (286):

{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)}
286- إن الله لا يكلف عباده إلا ما يستطيعون تأديته والقيام به، ولذلك كان كل مكلف مجزياً بعمله: إن خيراً فخير وإن شراً فشر، فاضرعوا إلى الله- أيها المؤمنون- داعين: ربنا لا تعاقبنا إن وقعنا في النسيان لما كلفتنا إياه، أو تعرضنا لأسباب يقع عندها الخطأ، ربنا ولا تُشدِّد علينا في التشريع كما شددت على اليهود بسبب تعنتهم وظلمهم، ولا تكلفنا ما لا طاقة لنا به من التكاليف، واعف عنا بكرمك، واغفر لنا بفضلك، وارحمنا برحمتك الواسعة. إنك مولانا، فانصرنا يا رب- من أجل إعلاء كلمتك ونشر دينك- على القوم الجاحدين.

.سورة آل عمران:

.تفسير الآيات (1- 3):

{الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3)}
1- الم، حروف صوتية سيقت لبيان أن القرآن المعجز من هذه الحروف.
2- الله واحد لا إله غيره، وكل ما في العالم من تنسيق وإبداع يشهد بذلك، وهو الحى الذي لا يموت، القائم بأمر العالم يدبره ويصرفه.
3- نَزَّلَ عليك- يا محمد- القرآن مشتملا على الحق في كل ما تضمنه من أصول الشرائع السماوية في الكتب السابقة، ولقد أنزل الله من قبله التوراة على موسى والإنجيل على عيسى.

.تفسير الآيات (4- 7):

{مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4) إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)}
4- أنزلهما قبل القرآن لهداية الناس، فلمَّا انحرفوا أنزل القرآن فارقاً بين الحق والباطل، ومبيِّناً الرشد من الغى، فهو الكتاب الصادق الدائم، وكل من ترك ما أنزله الله فيه وكفر بآياته فله عذاب شديد، والله قادر لا يغلبه شيء، منتقم ممن يستحق الانتقام.
5- إن الله عليم بكل شيء، فهو لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، صغيراً كان أو كبيراً، ظاهراً أو باطناً.
6- وهو الذي يصوركم وأنتم أجنة في الأرحام بصور مختلفة حسبما يريد، لا إله إلا هو العزيز في ملكه، الحكيم في صنعه.
7- وهو الذي أنزل عليك القرآن، وكان من حكمته أن جعل منه آيات محكمات محددة المعنى بيِّنة المقاصد، هي الأصل وإليها المرجع، وأخر متشابهات يدق معناها على أذهان كثير من الناس، وتشبته على غير الراسخين في العلم، وقد نزلت هذه المتشابهات لتبعث العلماء على العلم والنظر ودقة الفكر في الاجتهاد، وفى البحث في الدين، وشأن الزائغين عن الحق أن يتتبعوا ما تشابه من القرآن رغبة في إثارة الفتنة، ويؤوِّلوها حسب أهوائهم. وهذه الآيات لا يعلم تأويلها الحق إلا الله والذين تثبتوا في العلم وتمكنوا منه، وأولئك المتمكنون منه يقولون: إنا نوقن بأن ذلك من عند الله، لا نفرق في الإيمان بالقرآن بين محكمه ومتشابهه، وما يعقل ذلك إلا أصحاب العقول السليمة التي لا تخضع للهوى والشهوة.

.تفسير الآيات (8- 12):

{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8) رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (9) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (11) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12)}
8- وأولئك العلماء العاقلون يقولون: ربنا لا تجعل قلوبنا تنحرف عن الحق بعد إذ أرشدتنا إليه، وامنحنا اللهم رحمة من عندك بالتوفيق والتثبيت إنك أنت المانع المعطى.
9- ربنا إنك جامع الناس ليوم لا شك فيه لتجازى كلاً على ما فعل، فقد وعدت بذلك وأنت لا تخلف الميعاد.
10- إن الكافرين لن تدفع عنهم في ذلك اليوم أموالهم مهما عظمت، ولا أولادهم مهما كثرت، وسيكونون حطباً للنار تشتعل بهم.
11- وشأن هؤلاء قوم فرعون والكافرين من قبلهم، كذَّبوا بآيات الله مع وضوحها فنكَّل الله بهم بسبب ما ارتكبوه من الذنوب، والله شديد العقاب.
12- قل- يا أيها النبى- لهؤلاء الذين كفروا إنكم في الدنيا ستهزمون وفى الآخرة ستعذبون، وتكون جهنم فِراشاً لكم وبئس الفِراش.

.تفسير الآيات (13- 15):

{قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (13) زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15)}
13- لقد كان لكم آية بيِّنة وعبرة ظاهرة في طائفتين من المحاربين التقتا يوم بدر، إحداهما مؤمنة تحارب لإعلاء كلمة الله ونشر الحق، والأخرى كافرة تحارب في سبيل الأهواء والشهوات، فكان من تأييد الله للمؤمنين أن جعل الكافرين يرونهم ضعف عددهم الحقيقى، وبذلك وقع الرعب في قلوب الكفار فانهزموا، والله يمنح نصره لمن يشاء. وإن في ذلك لعبرة لأصحاب البصائر الرشيدة التي لا تنحرف في إدراكها عن الحق.
14- إن البشر جبلوا على حب الشهوات التي تتمثل في النساء والبنين والكثرة من الذهب والفضة، والخيل الحسان المعلَّمة، والأنعام التي منها الإبل والبقر والغنم، وتتمثل أيضاً في الزرع الكثير. لكن ذلك كله متاع الحياة الدنيا الزائلة الفانية، وهو لا يُعد شيئاً إذا قيس بإحسان الله إلى عباده الذين يجاهدون في سبيله عند أوبتهم إليه في الآخرة.
15- قل يا أيها النبى: أأخبركم بما هو خير من ذلك الذي زُيِّن للناس في الدنيا؟، إن للذين اتقوا ثواباً مضموناً- عند ربهم، هو جنات تجرى من تحت ظلال أشجارها الأنهار، يتمتعون بالحياة الطيبة فيها لا يساورهم خوف من زوال نعيمها إذ كتب لهم الخلود فيها، وأزواج طاهرة نقية من كل ما يشين نساء الدنيا، ورضاء من الله يشعرون في ظله بنعيم أكبر، والله مطلع على أحوال عباده لا يخفى عليه أمر أو سر من أمورهم وأسرارهم.

.تفسير الآيات (16- 20):

{الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (17) شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20)}
16- ينال هذا الجزاء أولئك الذين ملأ الإيمان قلوبهم وأعلنوا ذلك بألسنتهم فقالوا- ضارعين إلى الله-: ربنا إننا آمنا استجابة لدعوتك فاعف عن ذنوبنا، واحفظنا من عذاب النار.
17- وهم الذين يتحملون المشقة في سبيل الطاعة وتجنب المعصية واحتمال المكروه، ويصدقون في أقوالهم وأفعالهم ونياتهم، المداومون على الطاعة في خشوع وضراعة، الباذلون ما يستطيعون من مال وجاه وغيره في وجوه التأمل والتفكير في عظمة الخالق.
18- شهد الله أنه المتفرد بالألوهية وبيَّن ذلك- بما بث في الكون من دلائل وآيات لا ينكرها ذو عقل- وأنه واحد لا شريك له، قائم على شئون خلقه بالعدل، وأقرَّت بذلك ملائكته الأطهار، وَعَلِمَهُ أهل العلم موقنين به، وأنه- جل شأنه- المتفرد بالألوهية الذي لا يغلبه أحد على أمره، وشملت حكمته كل شيء.
19- إن الدين الحق المرضى عند الله هو الإسلام، فهو التوحيد والخضوع لله في إخلاص، وقد اختلف كل من اليهود والنصارى في هذا الدين فحرَّفوا وبدَّلوا ولم يكن اختلافهم عن شبهة أو جهل إذ جاءهم العلم، بل كان للتحاسد والتطاول، ومن يجحد بآيات الله فلينتظر حساب الله السريع.
20- فإن جادلك هؤلاء في هذا الدين بعد أن أقمت لهم الحُجج، فلا تجارهم في الجدل، وقل: أخلصت عبادتى لله- وحده- أنا ومن اتبعنى من المؤمنين، وقل لليهود والنصارى ومشركى العرب: قد بانت لكم الدلائل فأسلموا، فإن أسلموا فقد عرفوا طريق الهدى واتبعوه، وإن أعرضوا فلا تبعة عليك في إعراضهم، فليس عليك إلا أن تبلغهم رسالة الله، والله مطلع على عباده لا يخفى عليه شيء من أحوالهم وأعمالهم.